السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الكثير منا يسأل دائماً ما هو الشعر النبطي ولماذا سمي بذلك ومن أين وصلنا هذا الفن من الشعر وكيف كانت بداياته والكثير الكثير من هذه الأسئلة التي تتصل بهذا الفن الراقي من الشعر والمسمى بالشعر النبطي :
وبعد توفيق الله تعالى قمت بدراسة حول هذا الموضوع والتي أتمنى من الله عز وجل أن أكون قد وفقت فيها إلى حد ما .
ونظراً لأهمية هذا الموضوع وماله من ذوق وفن جميل حاولت بقدر الإمكان أن اجمع أبوابه بصورة سهلة ومختصرة قدر الإمكان ، وقد شملت هذه الدراسة المواضيع والجوانب التي تختص بهذا الفن ( الشعر النبطي ) ووضع أمثلة لكل موضوع له لكي تتضح لنا الصورة تماماً وللمتلقي أيضاً وهذه المواضيع كالتالي :
اصل التسمية للشعر النبطي.
أقسام الشعر النبطي.
مميزات الشعر النبطي.
كيفية كتابة الشعر النبطي.
وزن الشعر النبطي.
قواعد الشعر النبطي.
بحور الشعر النبطي.
أغراض الشعر النبطي.
اصطلاحات مهمة بالشعر النبطي.
كيفية نقد قصيدة نبطية.
مقارنة بين الشعر النبطي والشعر العربي
أولا
--------------------------------------------------------------------------------
اصل التسمية للشعر النبطي
يسمى هذا الشعر بالشعر النبطي العامي ويسمى أيضا بالشعر البدوي .
أما لماذا هو عامي فإن لغته قد تخلصت في كثير من الأحيان من بعض الظواهر التي تلتزمها الفصحى وكذلك فيما يتعلق بضبط أواخر الكلمات ( الإعراب ) وضبط الكلمة نفسها أو نطقها بين الترقيق والتفخيم والشدة والإمالة إلى آخر تلك الظواهر فهو شعر عامي نعني أنه ليس فصيحاً ولكنه عربي .
أما لماذا هو بدوي ؟ فلسببين هما :
1/ أن لهجته ومفرداته وكلماته هي نفسها التي يستخدمها البدو بلغة تخاطبهم اليومية والتي لا تبتعد كثيراً عن اللغة العربية الفصحى .
2/ أن معظم من يتعاطى هذا الشعر هم من شعراء البادية .
نقول معظم وليس كل شعراء النبط من أهل البادية لأن هناك شعراء برزوا بهذا الشعر ولم يكونوا من أهل البادية بل كانوا يسكنون المدن والقرى ومثال ذلك الشعراء ( حمود الناصر البدر عبد الله ابن سبيل وبركات الشريف الحسيني ) .
ما هو الشعر النبطي :
هي نبطي بفتح النون والباء وكسر الطاء بعدها ياء مشددة وهذه التسمية هي نقطة الخلاف في التسمية لوجود ثلاثة أسباب وهي :
1/ يقال أنه سمي ( نبطي ) نسبة إلى أن أول من قاله هم عرب يسكنون وادياً أسمه ( نبطا ) أو (نبطي) وهذا الوادي يقع ناحية المدينة المنورة قرب حوراء وهذا القول غير صحيح لأسباب عدة
أ/ أن الأماكن في الغالب تكسب أسماء ساكنيها وليس العكس فمثلاً ( وادي الدواسر ) يعني أول من حله هم الدواسر فحمل اسمهم .
ب/ من هم النبطيين الذي خلوا ذلك الوادي ومن هم وإلى أي عرب هم ينتسبون ومن هو أميرهم؟
ج/ أين شعراء النبطيين ؟ وأين ما وصلنا منهم من شعر يشار لهم به .
2/ يقال أنه نبطياً نسبة إلى جيل قدموا من بلاد فارس من العرب المستعربة ونزلوا بالبطائح بين العراقيين يعرفون بالأنباط وهذا هو شعرهم نظراً لقرب اسم الأنباط من الشعر النبطي فكيف يعتمد دليل ليس بأساس وهذه الأسباب تبرهن على عدم صلة الأنباط بهذا الشعر :
أ/ الشعر النبطي أول ما ظهر بالجزيرة العربية والأنباط قدموا من بلاد فارس فكيف يكون شعرهم ؟.
ب/ أين شعرهم ؟ وأين ما وصلنا منه ؟ ومن هم أهم شعراء الأنباط النبطيين ؟.
ج/ المرجع التاريخي الوحيد الذي ذكر الشعر النبطي هو كتاب مقدمة ابن خلدون ولم ينسب ابن خلدون الشعر النبطي للأنباط ولا الكتب التاريخية التي درست الأنباط لم تذكر الشعر النبطي مطلقاً بل ذكره ابن خلدون في مقدمته ( بالشعر البدوي ) فمن الخطأ أن ننسب الشعر النبطي للأنباط وذلك لما تقدم .
والشعر النبطي سمي بهذا الاسم لأنه استنبط بمعنى استحدث وبالقاموس استنبط الشي أي استحدثه أو استمده من مصدر موجود ومصدرها نبط بفتح النون والباء وتعني نبع الماء والاستنباط الاستخراج ولكن هذا المستنبط من أين استنبط ؟ بالتأكيد من الشعر العربي الفصيح الذي كان السائد بالأزمنة التي كانت بها اللغة العربية في أوج عظمتها وكانت قبائل العرب كلها مجتمعة في موطنها الأصلي الجزيرة العربية ، وحين بدأت هجرة هذه القبائل لأسباب عديدة منها الغزو والبحث عن المراعي أصبحت كل قبيلة تسير بمفردها وتختار لها موقع جديد تقيم به ضعفت لغتهم العربية وبدأوا باستنباط لهجات قريبة من لغتهم الأصلية الفصحى لا تبتعد كثيراً ولكنها تدغم بعض الكلمات وتنطق بعض الحروف بنغمة جديدة وتميز مخاطبة المذكر عن المؤنث ببعض الإضافات وبذلك ابتعدت عن قواعد النحو باللغة ومن هنا كان الشعر النبطي المستنبط من الشعر العربي والذي يختلف عنه فقط بعدم تمسك الشعر النبطي بالقواعد النحوية وإضافة بعض المفردات الدخيلة على اللغة العربية من جراء اللهجة العامية كما نلاحظ أن الشعر النبطي لا هو بالشعر العربي الفصيح ولا هو ببعيد عنه فهو مشتق منه ونستطيع القول أنه الشعر العربي نفسه ولكن بدون ظواهر الإعراب فتجد الشاعر النبطي ينصب ما يجب أن يرفع ويجزم ما يجب أن ينصب ويضيف التنوين حسب الوزن وهكذا.
يقول ابن خلدون بمقدمته ( أن الشعر من البلاغة ولا دخل للبلاغة بالإعراب والشعر متى كان مستقيماً محتفظاً بأوزانه فلا قيمة لحركات النحاة فيه ) وهذا يدعم الرأي الذي يقول أن الشعر النبطي استنبط من الشعر العربي وسمي بالنبطي لأنه مشتق ومستنبط من الشعر العربي ودليل ذلك أن أغلب مفردات الشعر النبطي عربية فصحى ينقصها فقط التشكيل الصحيح وضبط الإعراب فتصبح عربية فصحى.
الأصــــــــــــــــــل :
أصل الشعر العربي يرجع لبني هلال القبيلة العربية المشهورة والتي عرفنا تاريخها حتى في الأساطير الشعبية والمعروف أن هذه القبيلة كانت أكبر قبائل العرب بوقتها وقد هاجرت من موطنها الأصلي جزيرة العرب إلى المغرب العربي هاجرت هذه القبيلة عن بكرة أبيها حتى لم يتبقى بالهلاليين أحد بالجزيرة العربية وخلال هجرتهم مروا ببلدان وأقاموا بها وسكن هذه الأمصار منهم كثيرين وأكمل المسيرة منهم الكثيرين أيضاً حتى وصلوا إلى المغرب العربي ومن هنا انتشر الشعر النبطي الذي هو شعرهم بالأمصار التي مروا بها ولبني هلال من الأشعار الحقيقية التي لم يدخل عليها التحريف والتغيير ولهم من القصائد الكثير ما نجد عليه من قصائدنا بالوقت الحالي على الوزن والتركيبة الهلالية ولو سئل عازف الربابة عن اصل الربابة قال من غير تردد أنا جرة ( هلالية ) وهذا يؤكد أن الهلاليين هم أول من استنبط الشعر النبطي وغناه أيضاً بالربابة وأصبح يربط بها من حيث قصر البيت وطوله على حسب نغمة الوتر الواحد بالربابة ولتأكيد هذا نورد هذه الأبيات للشريف علي بن هشام التي قالها على الجازية بنت سرحان عند رحيلها مع قومها إلى المغرب العربي :
قال الشريف ابن هشامن عــــــلـــــي كبدي من الحرات تشكي زفيرها.
هذي شكات الروح مما طــــــــرا لها عذابن ودايع تــــلـــف الله خبيرها.
عادت كما خوارتـــن بيد غــــــــاسل على مثل شوك الطلح عقدوا سيرها.
ولو أخذنا قصيدة من الوقت الحالي على الوزن نفسه ( الهلالي ) لوجدناه مطابقاً رغم بعد السنين.
قلبي صبورن مثل ما يصبر الصــفــــا على ما يصيبه من صواعق رعودها.
وحالن جلت أجلت وجالت وجيلـــــــت من الغبن لين الغبن بعث لــهـــــودها.
وكبدن على ما فاتها تــشــــرب الطنــا من الكره لين أنه برى الهم عــــودهـا.
ذكر ابن خلدون في مقدمته شعر بني هلال وذكر هذه القصيدة التي نرد منها هذه الأبيات وأنها من شعر سلطان بن مظفر الزواودة أحد بطون رياح وأهل الرياسة فيهم قالها في معتقل بالمهدية بسجن الأمير أبي ذكريا أول ملوك أفريقيا من الموحدين :
يقول وذا نوح الرجا بعد ذهــبـــــه حرا من على أجفان عــيـنـــي منامها.
أيا من لقا حالف الوجد والآســـــى وروحن هيامن من طال ما في سقامها.
حجازيتين بدويتين عربيـــــــــــه عداوتين ولها بعيدن مــــــرامــــــهــا.
وينسب ابن خلدون أيضاً الشعر النبطي إلى عرب يقطنون حوران وهم من بني هلال هم قبيلة عقيل جزء من قبيلة بني هلال والتي دخلت تحت لواء بني هلال الذين استقروا بحوران والتي ذكرها كثير من شعراء البادية حيت أنها ( ماكر حرار ) أي أنها معقل الصقور الطيبة حيث أنها تطرح بحوران فيصفون الرجل الشجاع بطير حوران :
دار يللي سعدها تو مــــا جـــــاهــــــا طير حوران شاقتني مضاريبه .
يقول ابن خلدون ( من العرب من يسمي هذه القصائد بالأصمعيات نسبة إلى الأصمعي وأهل الشرق من العرب يسمون هذا النوع بالشعر البدوي وربما يلحنون به ألحاناً بسيطة لا على طريقة صناعة الموسيقى ثم يغنون به ويسمون الغناء الحوراني نسبة إلى حوران من أطراف العراق والشام وهي منازل العرب البادية ومساكنهم إلى هذا العهد ).
وأورد هذه الأبيات لامرأة قتل زوجها وتطلب الثأر له تقول فيها :
تقول فتاة الحي أم ســـــــلامــــــة بعينن أراع الله من لا ثار لها.
تسهر بطول الليل ما تلف الكـرى موجعة كن الشقا في مــحالها.
على ما جرا في دارها وأبو عيالها تلحظه عين البين غير حوالها.
وقد سار الشعر النبطي على هذه الطريقة عبر ثلاثة قرون من الزمن أي من القرن السابع حتى القرن العاشر ينظم على نفس الطريقة الهلالية أو على البحر الهلالي ويرجع انتشار هذا الشعر لتنقل بعض القبائل من أماكنها واختلاطهم بقبائل أخرى وتجاوب هذه القبائل لقصائد بني هلال وتقليدهم لها واستحداث كل قبيلة لبعض الكلمات على حسب لغتها ساعد في انتشار هذا الشعر إلا أن الشعر النبطي في كل القبائل واحد بتفاوت لهجاتهم بعض الشيء.
أماكن تواجد الشعر النبطي :
1/ بادية الخليج العربي والجزيرة العربية وامتدادها من اليمن حتى العراق .
2/ بادية الشام وتشمل سوريا وفلسطين والأردن.
3/ بادية سيناء.
4/ بادية المغرب العربي ( آخر محطة بهجرة بني هلال ).
5/ بادية السودان.
وهناك قبائل بدوية هاجرت إلى بلاد فارس فشكلت مجموعها عر بستان وكذلك هناك قبائل هاجرت من اليمن إلى الحبشة واستقرت فيها حتى الآن ، وهناك قبائل وصلت حدود تركيا وروسيا.
ثانياً
--------------------------------------------------------------------------------
أقسام الشعر النبطي
أن الشعر العربي الفصيح على خلاف الشعر النبطي ، من ناحية الأغلب في الشعر الفصيح أنه غير مرتجل إلا في القليل النادر أي أن صاحبه يتروى فيه ويصيغه في هدوء وعلى مهل صناعة تخضع للمراجعة والتنقيح.
أما في الشعر النبطي فهو ينقسم إلى قسمين رئيسيين لكل قسم شخصيته المستقلة فهو أما شعر منظوم أو شعر مرتجل وهذا شرح لهما :
1/ الشعر المنظوم :
يسميه البعض شعر الديوان وهو الشعر الذي ينظمه الشاعر متى أراد بإرادته وهو بعيداً عن إلزام خارجي ودون التزام بارتجال ولهذا الشعر بحور عديدة وأوزان كثيرة وسمي عند شعراء النبط بشعر الديوان لأنه يكتب ويجمع ولا مجال للارتجال فيه كذلك يحق للشاعر فيه التغيير والتنقيح وإضافة حسب ما يراه مناسباً.
2/ الشعر المرتجل :
ويسميه شعراء النبط بشعر الميدان ، وهو شعر ( القلطة ) الذي يرتجله الشاعر بنفس الوقت الذي يغنيه فيه ( طاروق ) معين حيث يتقابل شاعران ويبدأ أحدهما ببيت من الشعر من لحن معين ويغنيه ( الشيالة ) حتى يتسنى للشاعر الآخر تأليف الرد بدوره فيجيبه بنفس الوزن والقافية والمعنى وسمي أيضا بشعر الميدان لأنه وليد اللحظة لا إعداد فيه .
ثالثاً
--------------------------------------------------------------------------------
مميزات الشعر النبطي
أن أهم مميزات الشعر النبطي هي العفوية والمباشرة بمعنى العفوية هنا عدم التجويد والاختيار أي بمعنى أوضح بساطة الأسلوب والقالب الفني وطريقة التعبير وهذا مثال لهذه البساطة نورده :
البارحة لا كن بالعين سملول وألا الحماط مداخله شوك حاذي.
اسهر وقلبي بالهواجيس مذهول ويدق به مـــن جاير الحب هاذي.
يدك به حبن تعظم لـمحـمـــول اللي قسم مكنون قلبي أفــــلا ذي.
--------------------------------------------------------------------------------
كتابة الشعر النبطي
كتابة الشعر النبطي لا تخضع لقواعد اللغة فهو يكتب كما ينطق وذلك لأسباب عديدة أهمها أن يقرأه القارئ بشكل صحيح لكي يسهل عليه فهمه ، كما أن هناك كلمات كثيرة تنون بالشعر النبطي وإذا كتبناها بدون إضافة ( نون ) واكتفينا بالكسرتين أو الضمتين فهذا يجعل القاريء يقرأ الكلمة وينطقها على عكس ما أراد الشاعر أن يقول فيتغير المعنى للبيت وكذلك ينكسر الوزن ويصبح البيت مكسوراً ، كما أن هناك كلمات تأتي بنهاية الأبيات تكسر لكي يستقيم الوزن وتنسجم القافية وهذا يتطلب إضافة ( ياء ) في نهاية الكلمة وعدم الإكتفاء بالكسرة وإذا كتبت من غير ( الياء ) انكسر البيت ومثال ذلك :
يلله يا عالم خفايات الأسرار يا مبدلن عسر الليالي بليني.
تفرج لمن قلبه على صالي النار قلبه من الفرقا غدا قطعتيني .
هنا ::: ألصقنا الياء بلفظ الجلالة وكان المفروض لغوياً أن تفصل ويضاف إليها الألف لتصبح الكلمة ( يا الله ) ولكن هذا يكسر وزن الشطر كلياً فالنداء هنا متصل عكس ( يا عالم ) وكذلك كلمة ( يا مبدل ) أي مغير أضفنا إليها ( النون ) بدلاً من الكسرتين لأن شاعرها قالها هكذا ولأنه بدون النون ينكسر وزن الشطر وأيضاً كلمة ( لين ) مع كسر السنون فأضفنا عليها الياء لكي تنسجم مع بقية القوافي ويستقيم الوزن فوجبت كتابتها كما نطقها الشاعر ، وهذا يؤكد لنا أن الشعر النبطي يكتب كما ينطق ولا دخل لقواعد اللغة في كتابته .
خامساً
--------------------------------------------------------------------------------
وزن الشعر النبطي
كيف يمكننا وزن الشعر النبطي وكيف نعرف إذا هذا البيت مكسور أو مستقيم ومثال ذلك هذا البيت :
همن يفارقني وهمن يعودني وهمن يزايمني وهمن أزايمه.
نرجع هذا البيت أولاً لبحره فهو من البحر الهلالي ثم نغنيه على طريقة غناء الهلالي بعد الغناء يتبين لنا أن الكلمات راكبة على اللحن ولا نضطر لمط كلمة أو نطقها ناقصة حرف أو خلاف ذلك أذن فهو مستقيم وهكذا .
وبمعنى أوضح يجب اتباع الخطوات التالية لكي نتعلم سوياً كيفية وزن القصائد وصيغتها :
هناك طريقتان ، لوزن القصيدة ومعرفة الكسور فيها
الأولى
تلحينها وغنائها ، أي تقويم الأبيات على لحن معين تسحب عليه الأبيات كاملة حتى تكون جميع الأبيات على سياق اللحن ولا تشط عنه في نشاز لحني ، وإلا كان هذا هو الكسر .
الثانية
وهي الأضمن والأفضل ولكنها ليست الأسهل ) .. وهي التفاعيل
والتفاعيل لها حروف خاصة تسمى حروف التقطيع ولها مقاطع صوتيه بعضها سمي أسبابا وبعضها سمي أوتادا ، وبعضها خماسي وبعضها سباعي .
الطريقة :
ركز معي الآن ، القصيدة عبارة عن أبيات .. الأبيات عبارة عن كلمات .. الكلمات عبارة عن حروف ..
جميل .. وصلنا للحروف .. الحروف في التفاعيل تنقسم إلى نوعان : متحرك ، وساكن .. فقط لا غير
أي فتحة وسكون .. وسأستعيض عن الفتحة بالداش أي /
وأستبدل السكون بحرف الأو بالإنجليزي أي O
حسن .. دعنا نوزن بيت واحد فقط الآن ، مثلا هذا البيت :-
أنثر قصيدي مثل نثري للأحلام .. غيري تمتع به وأنا ضايق البال
لا تنسى : الحروف في هذا البيت ، نوعان في من التفاعيل ، متحرك وساكن
وزن الكلمة الأولى يكون على النحو التالي :
أ ن ث ر
حرف الألف : متحرك .. لماذا ؟ لأن غير ساكن ، أي توجد فوقه فتحة . فيكتب : / ( فتحه) ، أو حركة
حرف النون : ساكن .. لماذا ؟ لأنه غير مضموم ولا مكسور بل ساكن ، فيكتب (سكون)
O
حرف الثاء : متحرك ؟ لنفس السبب ، أي لأن تحته كسره وينطق أنثـِـر ، فيكتب متحرك أي
: /
حرف الراء : ساكن ، فيكتب
: O
O/o/إذا ، فالكلمة الأولى تكتب
الفتحة الأولى هي حرف الألف والسكون الثاني هو حرف النون ، والفتحة الثالثة حرف الثاء والسكون الأخير هو الراء.
إذا استوعبت الكلمة الأولى فيمكنك وزن باقي البيت والقصيدة كلها على نفس الموال ، أي ، تكتب الكلمة الثانية وتقسمها إلى حروف متحركة وساكنة ، بنفس الطريقة الأولى ، وكذلك الكلمة الثالثة ، والرابعة حتى ينتهي الشطر الأول ثم تكمل الشطر الثاني بنفس الطريقة ، فيصبح :
أن ث ر قصي دي مث لنثـ ري للح لا م
/o /o // O / O /o // O /o // O /o /
ألا تلاحظ شي ؟ .. بأن السكون يكون هو آخر حرف دائما ، بعده تكون تفعيلة ثانيه ، وهذا هو الصواب ، أن يكون السكون مرحلة الانتقال للتفعيلة الثانية ، أو التقطيعية الثانية وإلا فإنك ستبقى تكتب /// حتى تواجه سكون فيكون ///o ، بعدها تبدأ من جديد.
الشطر الثاني
، وهو : غيري تمتع به و أنا ضايق البال ، سيكتب على النحو التالي- :
غي ري تمت تع به وأنا ضا يقل با ل
/o /o // O / O /o // O /o // O /o /
ألا تلاحظ شي آخر هنا ..؟
، في كلمة تمتّـع ..؟ ، في التقطيع أضيف لها حرف تاء ثالث !.. فـأصبحت في التقطيع ، تمتـ تـع
لماذا ؟ .. السبب .. لأن التاء مشدّدة .. وفي حالة تشديد أي حرف يتحول لحرفين في التقطيع . لأنه ينطق أصلا حرفين ( جرب الآن كلمة تمتـّـع ) ستجد أنك نطقت التاء ثلاث مرات في الكلمة ، لذلك فهو يكتب في التقطيع كما ينطق .
بعد أن انتهيت من البيت الأول كاملا .. أدرج البيت الثاني تحته وقطـّعه بنفس الطريقة ، إذا كان البيت الثاني موزون على نفس وزن البيت الأول فإنك تسير على نفس البحر .. ولا توجد كسور في قصيدتك ، أي .. الشطرين الذين كتبناهما الآن تقطيعهما كالتالي : -
/o /o // O / O /o // O /o // O /o / *** /o /o // O / O /o // O /o // O /o /
يجب أن يكون البيت الثاني بنفس التقطيع أي : -
/o /o // O / O /o // O /o // O /o / *** /o /o // O / O /o // O /o // O /o /
وهكذا إلى نهاية القصيدة
وبعد أن تطرقنا إلى موضوع الوزن نتطرق إلى
نصائح مفيدة قبل البدء في إنشاء القصيدة
دائما ما تكون أجواء كتابة القصيدة مميزة .. فإمّـا أن تكون مشاعر الحزن قد طغت على مشاعر الفرح ، أو العكس .. فتلجأ للكتابة .
حتى وإن لم تكن شاعرا .. لا بد أنك في يوم قد حاولت أن تكتب الشعر .. فكل إنسان في داخله شاعر .. لذلك فأنا قد جمعت لك من بعض المراجع ومن خلال خبرتي البسيطة ، بعض النصائح علها تفيدك في مشروع قصيدتك القادم :-
أولا- الفكرة :
قبل أن الشروع في كتابة القصيدة ، يجب أن تكون لديك فكرة معينة وتريد الوصول إليها أو التعبير عنها ، والأفضل أن تكتب هذه الفكرة على ورقة ، وكذلك تكتب بعض النقاط التي تود أن تثيرها وتنقلها من الفكرة إلى النص .
ثانيا- الجو :
حاول أن تهيئ الجو المناسب الذي تعوّدت على الكتابة فيه .
ثالثا- الخيال:
تأمل في الفكرة جيدا قبل أن تبدأ في الكتابة ، وطلق العنان لخيالك أن يجوب فكرة القصيدة ، فهو بذلك يبرز لك بعض الارتباطات بين الفكرة والخيال ، ويعبث بأبعاد النص اللغوي .
رابعا - أول بيت :
أ-لاتفكرفي الوزن بل تجاهله مؤقتا .. فكر فقط في المعنى الذي تريد أن تقوله .. أعد التفكير مرتين وثلاث في موضوع القصيدة .. تماما وكأنك تشرح لشخص يجلس أمامك .
ب- ابدأ بوضع لحن معيّن تعتقد بأن المعنى الذي أردت قوله توافق يتوافق معه .. أي بمعنى آخر القصيدة نفسها تحدّد بحرها بنفسها .. فلا تقل لنفسك أريد الكتابة على بحر الهلالي مثلاً .. خصوصاً في البداية بل تغن بالكلمات التي تحس أنها تبحث مافي نفسك على أي بحر كانت ثم أكمل بعد ذلك .
جـ - ابحث عن القافية التي تحس أنها تتناغم مع البحر الذي تريده أو الذي بدأته بالفعل .. مثلاً .. لنفرض أنك وضعت بيتاً على (المسحوب )وكانت قافيته الأولى بكلمة(منال)) وقلت فيما معناه .. بأن الوصول إليك صعب المنال .. وتريد أن تقول أيضاً أنك رغم ذلك حاولت فقلت في الشطر الأول من البيت الأول ( وصلك حبيبي صار صعب المنال ) .. تبحث عن كلمة القافية ولدينا منها الكثير مثل : محال .. وصال .. وقال .. الخ ؛ مثلا لنأخذ كلمة ( محال ) .. فأنت الآن يجب أن تربط هذه الكلمة بالكلام الذي تريد أن تقوله ، فتحاول ربطها بمعنى كأن تقول ( حاولت .. لكن كان هذا محال ) ..
أو كلمة مثل ( ليال ) .. فتقول ( حاولت أجي يمك بسود الليال )، وهكذا تمد الجسور بين القافية والمعنى ، حتى تختم القصيدة .
خامسا - الترتيب :
حاول أن تجعل المعاني متقاربة ولا تبتعد كثيراً فكل بيت يكمل البيت الذي قبله ، أو يبدأ معنى جديد له علاقة بمعنى البيت الذي قبلة ، المهم أن يخدم جو القصيدة .
سادساً - بعد الانتهاء :
حاول إقامتها مرة أخرى على الميزان ثم اللّحن حتى تتأكد من سلامتها .
تــــــذكـــر :-
** الحرف الذي لا ينطق لا يكتب ولا يوزن .
** حروف العلة ( الحروف الساكنة ).
إقامة القصيدة على لحن واحد تجيده تفيدك كثيراً في الحكم المبدأ على أي قصيدة
-----------------------------
الكثير منا يسأل دائماً ما هو الشعر النبطي ولماذا سمي بذلك ومن أين وصلنا هذا الفن من الشعر وكيف كانت بداياته والكثير الكثير من هذه الأسئلة التي تتصل بهذا الفن الراقي من الشعر والمسمى بالشعر النبطي :
وبعد توفيق الله تعالى قمت بدراسة حول هذا الموضوع والتي أتمنى من الله عز وجل أن أكون قد وفقت فيها إلى حد ما .
ونظراً لأهمية هذا الموضوع وماله من ذوق وفن جميل حاولت بقدر الإمكان أن اجمع أبوابه بصورة سهلة ومختصرة قدر الإمكان ، وقد شملت هذه الدراسة المواضيع والجوانب التي تختص بهذا الفن ( الشعر النبطي ) ووضع أمثلة لكل موضوع له لكي تتضح لنا الصورة تماماً وللمتلقي أيضاً وهذه المواضيع كالتالي :
اصل التسمية للشعر النبطي.
أقسام الشعر النبطي.
مميزات الشعر النبطي.
كيفية كتابة الشعر النبطي.
وزن الشعر النبطي.
قواعد الشعر النبطي.
بحور الشعر النبطي.
أغراض الشعر النبطي.
اصطلاحات مهمة بالشعر النبطي.
كيفية نقد قصيدة نبطية.
مقارنة بين الشعر النبطي والشعر العربي
أولا
--------------------------------------------------------------------------------
اصل التسمية للشعر النبطي
يسمى هذا الشعر بالشعر النبطي العامي ويسمى أيضا بالشعر البدوي .
أما لماذا هو عامي فإن لغته قد تخلصت في كثير من الأحيان من بعض الظواهر التي تلتزمها الفصحى وكذلك فيما يتعلق بضبط أواخر الكلمات ( الإعراب ) وضبط الكلمة نفسها أو نطقها بين الترقيق والتفخيم والشدة والإمالة إلى آخر تلك الظواهر فهو شعر عامي نعني أنه ليس فصيحاً ولكنه عربي .
أما لماذا هو بدوي ؟ فلسببين هما :
1/ أن لهجته ومفرداته وكلماته هي نفسها التي يستخدمها البدو بلغة تخاطبهم اليومية والتي لا تبتعد كثيراً عن اللغة العربية الفصحى .
2/ أن معظم من يتعاطى هذا الشعر هم من شعراء البادية .
نقول معظم وليس كل شعراء النبط من أهل البادية لأن هناك شعراء برزوا بهذا الشعر ولم يكونوا من أهل البادية بل كانوا يسكنون المدن والقرى ومثال ذلك الشعراء ( حمود الناصر البدر عبد الله ابن سبيل وبركات الشريف الحسيني ) .
ما هو الشعر النبطي :
هي نبطي بفتح النون والباء وكسر الطاء بعدها ياء مشددة وهذه التسمية هي نقطة الخلاف في التسمية لوجود ثلاثة أسباب وهي :
1/ يقال أنه سمي ( نبطي ) نسبة إلى أن أول من قاله هم عرب يسكنون وادياً أسمه ( نبطا ) أو (نبطي) وهذا الوادي يقع ناحية المدينة المنورة قرب حوراء وهذا القول غير صحيح لأسباب عدة
أ/ أن الأماكن في الغالب تكسب أسماء ساكنيها وليس العكس فمثلاً ( وادي الدواسر ) يعني أول من حله هم الدواسر فحمل اسمهم .
ب/ من هم النبطيين الذي خلوا ذلك الوادي ومن هم وإلى أي عرب هم ينتسبون ومن هو أميرهم؟
ج/ أين شعراء النبطيين ؟ وأين ما وصلنا منهم من شعر يشار لهم به .
2/ يقال أنه نبطياً نسبة إلى جيل قدموا من بلاد فارس من العرب المستعربة ونزلوا بالبطائح بين العراقيين يعرفون بالأنباط وهذا هو شعرهم نظراً لقرب اسم الأنباط من الشعر النبطي فكيف يعتمد دليل ليس بأساس وهذه الأسباب تبرهن على عدم صلة الأنباط بهذا الشعر :
أ/ الشعر النبطي أول ما ظهر بالجزيرة العربية والأنباط قدموا من بلاد فارس فكيف يكون شعرهم ؟.
ب/ أين شعرهم ؟ وأين ما وصلنا منه ؟ ومن هم أهم شعراء الأنباط النبطيين ؟.
ج/ المرجع التاريخي الوحيد الذي ذكر الشعر النبطي هو كتاب مقدمة ابن خلدون ولم ينسب ابن خلدون الشعر النبطي للأنباط ولا الكتب التاريخية التي درست الأنباط لم تذكر الشعر النبطي مطلقاً بل ذكره ابن خلدون في مقدمته ( بالشعر البدوي ) فمن الخطأ أن ننسب الشعر النبطي للأنباط وذلك لما تقدم .
والشعر النبطي سمي بهذا الاسم لأنه استنبط بمعنى استحدث وبالقاموس استنبط الشي أي استحدثه أو استمده من مصدر موجود ومصدرها نبط بفتح النون والباء وتعني نبع الماء والاستنباط الاستخراج ولكن هذا المستنبط من أين استنبط ؟ بالتأكيد من الشعر العربي الفصيح الذي كان السائد بالأزمنة التي كانت بها اللغة العربية في أوج عظمتها وكانت قبائل العرب كلها مجتمعة في موطنها الأصلي الجزيرة العربية ، وحين بدأت هجرة هذه القبائل لأسباب عديدة منها الغزو والبحث عن المراعي أصبحت كل قبيلة تسير بمفردها وتختار لها موقع جديد تقيم به ضعفت لغتهم العربية وبدأوا باستنباط لهجات قريبة من لغتهم الأصلية الفصحى لا تبتعد كثيراً ولكنها تدغم بعض الكلمات وتنطق بعض الحروف بنغمة جديدة وتميز مخاطبة المذكر عن المؤنث ببعض الإضافات وبذلك ابتعدت عن قواعد النحو باللغة ومن هنا كان الشعر النبطي المستنبط من الشعر العربي والذي يختلف عنه فقط بعدم تمسك الشعر النبطي بالقواعد النحوية وإضافة بعض المفردات الدخيلة على اللغة العربية من جراء اللهجة العامية كما نلاحظ أن الشعر النبطي لا هو بالشعر العربي الفصيح ولا هو ببعيد عنه فهو مشتق منه ونستطيع القول أنه الشعر العربي نفسه ولكن بدون ظواهر الإعراب فتجد الشاعر النبطي ينصب ما يجب أن يرفع ويجزم ما يجب أن ينصب ويضيف التنوين حسب الوزن وهكذا.
يقول ابن خلدون بمقدمته ( أن الشعر من البلاغة ولا دخل للبلاغة بالإعراب والشعر متى كان مستقيماً محتفظاً بأوزانه فلا قيمة لحركات النحاة فيه ) وهذا يدعم الرأي الذي يقول أن الشعر النبطي استنبط من الشعر العربي وسمي بالنبطي لأنه مشتق ومستنبط من الشعر العربي ودليل ذلك أن أغلب مفردات الشعر النبطي عربية فصحى ينقصها فقط التشكيل الصحيح وضبط الإعراب فتصبح عربية فصحى.
الأصــــــــــــــــــل :
أصل الشعر العربي يرجع لبني هلال القبيلة العربية المشهورة والتي عرفنا تاريخها حتى في الأساطير الشعبية والمعروف أن هذه القبيلة كانت أكبر قبائل العرب بوقتها وقد هاجرت من موطنها الأصلي جزيرة العرب إلى المغرب العربي هاجرت هذه القبيلة عن بكرة أبيها حتى لم يتبقى بالهلاليين أحد بالجزيرة العربية وخلال هجرتهم مروا ببلدان وأقاموا بها وسكن هذه الأمصار منهم كثيرين وأكمل المسيرة منهم الكثيرين أيضاً حتى وصلوا إلى المغرب العربي ومن هنا انتشر الشعر النبطي الذي هو شعرهم بالأمصار التي مروا بها ولبني هلال من الأشعار الحقيقية التي لم يدخل عليها التحريف والتغيير ولهم من القصائد الكثير ما نجد عليه من قصائدنا بالوقت الحالي على الوزن والتركيبة الهلالية ولو سئل عازف الربابة عن اصل الربابة قال من غير تردد أنا جرة ( هلالية ) وهذا يؤكد أن الهلاليين هم أول من استنبط الشعر النبطي وغناه أيضاً بالربابة وأصبح يربط بها من حيث قصر البيت وطوله على حسب نغمة الوتر الواحد بالربابة ولتأكيد هذا نورد هذه الأبيات للشريف علي بن هشام التي قالها على الجازية بنت سرحان عند رحيلها مع قومها إلى المغرب العربي :
قال الشريف ابن هشامن عــــــلـــــي كبدي من الحرات تشكي زفيرها.
هذي شكات الروح مما طــــــــرا لها عذابن ودايع تــــلـــف الله خبيرها.
عادت كما خوارتـــن بيد غــــــــاسل على مثل شوك الطلح عقدوا سيرها.
ولو أخذنا قصيدة من الوقت الحالي على الوزن نفسه ( الهلالي ) لوجدناه مطابقاً رغم بعد السنين.
قلبي صبورن مثل ما يصبر الصــفــــا على ما يصيبه من صواعق رعودها.
وحالن جلت أجلت وجالت وجيلـــــــت من الغبن لين الغبن بعث لــهـــــودها.
وكبدن على ما فاتها تــشــــرب الطنــا من الكره لين أنه برى الهم عــــودهـا.
ذكر ابن خلدون في مقدمته شعر بني هلال وذكر هذه القصيدة التي نرد منها هذه الأبيات وأنها من شعر سلطان بن مظفر الزواودة أحد بطون رياح وأهل الرياسة فيهم قالها في معتقل بالمهدية بسجن الأمير أبي ذكريا أول ملوك أفريقيا من الموحدين :
يقول وذا نوح الرجا بعد ذهــبـــــه حرا من على أجفان عــيـنـــي منامها.
أيا من لقا حالف الوجد والآســـــى وروحن هيامن من طال ما في سقامها.
حجازيتين بدويتين عربيـــــــــــه عداوتين ولها بعيدن مــــــرامــــــهــا.
وينسب ابن خلدون أيضاً الشعر النبطي إلى عرب يقطنون حوران وهم من بني هلال هم قبيلة عقيل جزء من قبيلة بني هلال والتي دخلت تحت لواء بني هلال الذين استقروا بحوران والتي ذكرها كثير من شعراء البادية حيت أنها ( ماكر حرار ) أي أنها معقل الصقور الطيبة حيث أنها تطرح بحوران فيصفون الرجل الشجاع بطير حوران :
دار يللي سعدها تو مــــا جـــــاهــــــا طير حوران شاقتني مضاريبه .
يقول ابن خلدون ( من العرب من يسمي هذه القصائد بالأصمعيات نسبة إلى الأصمعي وأهل الشرق من العرب يسمون هذا النوع بالشعر البدوي وربما يلحنون به ألحاناً بسيطة لا على طريقة صناعة الموسيقى ثم يغنون به ويسمون الغناء الحوراني نسبة إلى حوران من أطراف العراق والشام وهي منازل العرب البادية ومساكنهم إلى هذا العهد ).
وأورد هذه الأبيات لامرأة قتل زوجها وتطلب الثأر له تقول فيها :
تقول فتاة الحي أم ســـــــلامــــــة بعينن أراع الله من لا ثار لها.
تسهر بطول الليل ما تلف الكـرى موجعة كن الشقا في مــحالها.
على ما جرا في دارها وأبو عيالها تلحظه عين البين غير حوالها.
وقد سار الشعر النبطي على هذه الطريقة عبر ثلاثة قرون من الزمن أي من القرن السابع حتى القرن العاشر ينظم على نفس الطريقة الهلالية أو على البحر الهلالي ويرجع انتشار هذا الشعر لتنقل بعض القبائل من أماكنها واختلاطهم بقبائل أخرى وتجاوب هذه القبائل لقصائد بني هلال وتقليدهم لها واستحداث كل قبيلة لبعض الكلمات على حسب لغتها ساعد في انتشار هذا الشعر إلا أن الشعر النبطي في كل القبائل واحد بتفاوت لهجاتهم بعض الشيء.
أماكن تواجد الشعر النبطي :
1/ بادية الخليج العربي والجزيرة العربية وامتدادها من اليمن حتى العراق .
2/ بادية الشام وتشمل سوريا وفلسطين والأردن.
3/ بادية سيناء.
4/ بادية المغرب العربي ( آخر محطة بهجرة بني هلال ).
5/ بادية السودان.
وهناك قبائل بدوية هاجرت إلى بلاد فارس فشكلت مجموعها عر بستان وكذلك هناك قبائل هاجرت من اليمن إلى الحبشة واستقرت فيها حتى الآن ، وهناك قبائل وصلت حدود تركيا وروسيا.
ثانياً
--------------------------------------------------------------------------------
أقسام الشعر النبطي
أن الشعر العربي الفصيح على خلاف الشعر النبطي ، من ناحية الأغلب في الشعر الفصيح أنه غير مرتجل إلا في القليل النادر أي أن صاحبه يتروى فيه ويصيغه في هدوء وعلى مهل صناعة تخضع للمراجعة والتنقيح.
أما في الشعر النبطي فهو ينقسم إلى قسمين رئيسيين لكل قسم شخصيته المستقلة فهو أما شعر منظوم أو شعر مرتجل وهذا شرح لهما :
1/ الشعر المنظوم :
يسميه البعض شعر الديوان وهو الشعر الذي ينظمه الشاعر متى أراد بإرادته وهو بعيداً عن إلزام خارجي ودون التزام بارتجال ولهذا الشعر بحور عديدة وأوزان كثيرة وسمي عند شعراء النبط بشعر الديوان لأنه يكتب ويجمع ولا مجال للارتجال فيه كذلك يحق للشاعر فيه التغيير والتنقيح وإضافة حسب ما يراه مناسباً.
2/ الشعر المرتجل :
ويسميه شعراء النبط بشعر الميدان ، وهو شعر ( القلطة ) الذي يرتجله الشاعر بنفس الوقت الذي يغنيه فيه ( طاروق ) معين حيث يتقابل شاعران ويبدأ أحدهما ببيت من الشعر من لحن معين ويغنيه ( الشيالة ) حتى يتسنى للشاعر الآخر تأليف الرد بدوره فيجيبه بنفس الوزن والقافية والمعنى وسمي أيضا بشعر الميدان لأنه وليد اللحظة لا إعداد فيه .
ثالثاً
--------------------------------------------------------------------------------
مميزات الشعر النبطي
أن أهم مميزات الشعر النبطي هي العفوية والمباشرة بمعنى العفوية هنا عدم التجويد والاختيار أي بمعنى أوضح بساطة الأسلوب والقالب الفني وطريقة التعبير وهذا مثال لهذه البساطة نورده :
البارحة لا كن بالعين سملول وألا الحماط مداخله شوك حاذي.
اسهر وقلبي بالهواجيس مذهول ويدق به مـــن جاير الحب هاذي.
يدك به حبن تعظم لـمحـمـــول اللي قسم مكنون قلبي أفــــلا ذي.
--------------------------------------------------------------------------------
كتابة الشعر النبطي
كتابة الشعر النبطي لا تخضع لقواعد اللغة فهو يكتب كما ينطق وذلك لأسباب عديدة أهمها أن يقرأه القارئ بشكل صحيح لكي يسهل عليه فهمه ، كما أن هناك كلمات كثيرة تنون بالشعر النبطي وإذا كتبناها بدون إضافة ( نون ) واكتفينا بالكسرتين أو الضمتين فهذا يجعل القاريء يقرأ الكلمة وينطقها على عكس ما أراد الشاعر أن يقول فيتغير المعنى للبيت وكذلك ينكسر الوزن ويصبح البيت مكسوراً ، كما أن هناك كلمات تأتي بنهاية الأبيات تكسر لكي يستقيم الوزن وتنسجم القافية وهذا يتطلب إضافة ( ياء ) في نهاية الكلمة وعدم الإكتفاء بالكسرة وإذا كتبت من غير ( الياء ) انكسر البيت ومثال ذلك :
يلله يا عالم خفايات الأسرار يا مبدلن عسر الليالي بليني.
تفرج لمن قلبه على صالي النار قلبه من الفرقا غدا قطعتيني .
هنا ::: ألصقنا الياء بلفظ الجلالة وكان المفروض لغوياً أن تفصل ويضاف إليها الألف لتصبح الكلمة ( يا الله ) ولكن هذا يكسر وزن الشطر كلياً فالنداء هنا متصل عكس ( يا عالم ) وكذلك كلمة ( يا مبدل ) أي مغير أضفنا إليها ( النون ) بدلاً من الكسرتين لأن شاعرها قالها هكذا ولأنه بدون النون ينكسر وزن الشطر وأيضاً كلمة ( لين ) مع كسر السنون فأضفنا عليها الياء لكي تنسجم مع بقية القوافي ويستقيم الوزن فوجبت كتابتها كما نطقها الشاعر ، وهذا يؤكد لنا أن الشعر النبطي يكتب كما ينطق ولا دخل لقواعد اللغة في كتابته .
خامساً
--------------------------------------------------------------------------------
وزن الشعر النبطي
كيف يمكننا وزن الشعر النبطي وكيف نعرف إذا هذا البيت مكسور أو مستقيم ومثال ذلك هذا البيت :
همن يفارقني وهمن يعودني وهمن يزايمني وهمن أزايمه.
نرجع هذا البيت أولاً لبحره فهو من البحر الهلالي ثم نغنيه على طريقة غناء الهلالي بعد الغناء يتبين لنا أن الكلمات راكبة على اللحن ولا نضطر لمط كلمة أو نطقها ناقصة حرف أو خلاف ذلك أذن فهو مستقيم وهكذا .
وبمعنى أوضح يجب اتباع الخطوات التالية لكي نتعلم سوياً كيفية وزن القصائد وصيغتها :
هناك طريقتان ، لوزن القصيدة ومعرفة الكسور فيها
الأولى
تلحينها وغنائها ، أي تقويم الأبيات على لحن معين تسحب عليه الأبيات كاملة حتى تكون جميع الأبيات على سياق اللحن ولا تشط عنه في نشاز لحني ، وإلا كان هذا هو الكسر .
الثانية
وهي الأضمن والأفضل ولكنها ليست الأسهل ) .. وهي التفاعيل
والتفاعيل لها حروف خاصة تسمى حروف التقطيع ولها مقاطع صوتيه بعضها سمي أسبابا وبعضها سمي أوتادا ، وبعضها خماسي وبعضها سباعي .
الطريقة :
ركز معي الآن ، القصيدة عبارة عن أبيات .. الأبيات عبارة عن كلمات .. الكلمات عبارة عن حروف ..
جميل .. وصلنا للحروف .. الحروف في التفاعيل تنقسم إلى نوعان : متحرك ، وساكن .. فقط لا غير
أي فتحة وسكون .. وسأستعيض عن الفتحة بالداش أي /
وأستبدل السكون بحرف الأو بالإنجليزي أي O
حسن .. دعنا نوزن بيت واحد فقط الآن ، مثلا هذا البيت :-
أنثر قصيدي مثل نثري للأحلام .. غيري تمتع به وأنا ضايق البال
لا تنسى : الحروف في هذا البيت ، نوعان في من التفاعيل ، متحرك وساكن
وزن الكلمة الأولى يكون على النحو التالي :
أ ن ث ر
حرف الألف : متحرك .. لماذا ؟ لأن غير ساكن ، أي توجد فوقه فتحة . فيكتب : / ( فتحه) ، أو حركة
حرف النون : ساكن .. لماذا ؟ لأنه غير مضموم ولا مكسور بل ساكن ، فيكتب (سكون)
O
حرف الثاء : متحرك ؟ لنفس السبب ، أي لأن تحته كسره وينطق أنثـِـر ، فيكتب متحرك أي
: /
حرف الراء : ساكن ، فيكتب
: O
O/o/إذا ، فالكلمة الأولى تكتب
الفتحة الأولى هي حرف الألف والسكون الثاني هو حرف النون ، والفتحة الثالثة حرف الثاء والسكون الأخير هو الراء.
إذا استوعبت الكلمة الأولى فيمكنك وزن باقي البيت والقصيدة كلها على نفس الموال ، أي ، تكتب الكلمة الثانية وتقسمها إلى حروف متحركة وساكنة ، بنفس الطريقة الأولى ، وكذلك الكلمة الثالثة ، والرابعة حتى ينتهي الشطر الأول ثم تكمل الشطر الثاني بنفس الطريقة ، فيصبح :
أن ث ر قصي دي مث لنثـ ري للح لا م
/o /o // O / O /o // O /o // O /o /
ألا تلاحظ شي ؟ .. بأن السكون يكون هو آخر حرف دائما ، بعده تكون تفعيلة ثانيه ، وهذا هو الصواب ، أن يكون السكون مرحلة الانتقال للتفعيلة الثانية ، أو التقطيعية الثانية وإلا فإنك ستبقى تكتب /// حتى تواجه سكون فيكون ///o ، بعدها تبدأ من جديد.
الشطر الثاني
، وهو : غيري تمتع به و أنا ضايق البال ، سيكتب على النحو التالي- :
غي ري تمت تع به وأنا ضا يقل با ل
/o /o // O / O /o // O /o // O /o /
ألا تلاحظ شي آخر هنا ..؟
، في كلمة تمتّـع ..؟ ، في التقطيع أضيف لها حرف تاء ثالث !.. فـأصبحت في التقطيع ، تمتـ تـع
لماذا ؟ .. السبب .. لأن التاء مشدّدة .. وفي حالة تشديد أي حرف يتحول لحرفين في التقطيع . لأنه ينطق أصلا حرفين ( جرب الآن كلمة تمتـّـع ) ستجد أنك نطقت التاء ثلاث مرات في الكلمة ، لذلك فهو يكتب في التقطيع كما ينطق .
بعد أن انتهيت من البيت الأول كاملا .. أدرج البيت الثاني تحته وقطـّعه بنفس الطريقة ، إذا كان البيت الثاني موزون على نفس وزن البيت الأول فإنك تسير على نفس البحر .. ولا توجد كسور في قصيدتك ، أي .. الشطرين الذين كتبناهما الآن تقطيعهما كالتالي : -
/o /o // O / O /o // O /o // O /o / *** /o /o // O / O /o // O /o // O /o /
يجب أن يكون البيت الثاني بنفس التقطيع أي : -
/o /o // O / O /o // O /o // O /o / *** /o /o // O / O /o // O /o // O /o /
وهكذا إلى نهاية القصيدة
وبعد أن تطرقنا إلى موضوع الوزن نتطرق إلى
نصائح مفيدة قبل البدء في إنشاء القصيدة
دائما ما تكون أجواء كتابة القصيدة مميزة .. فإمّـا أن تكون مشاعر الحزن قد طغت على مشاعر الفرح ، أو العكس .. فتلجأ للكتابة .
حتى وإن لم تكن شاعرا .. لا بد أنك في يوم قد حاولت أن تكتب الشعر .. فكل إنسان في داخله شاعر .. لذلك فأنا قد جمعت لك من بعض المراجع ومن خلال خبرتي البسيطة ، بعض النصائح علها تفيدك في مشروع قصيدتك القادم :-
أولا- الفكرة :
قبل أن الشروع في كتابة القصيدة ، يجب أن تكون لديك فكرة معينة وتريد الوصول إليها أو التعبير عنها ، والأفضل أن تكتب هذه الفكرة على ورقة ، وكذلك تكتب بعض النقاط التي تود أن تثيرها وتنقلها من الفكرة إلى النص .
ثانيا- الجو :
حاول أن تهيئ الجو المناسب الذي تعوّدت على الكتابة فيه .
ثالثا- الخيال:
تأمل في الفكرة جيدا قبل أن تبدأ في الكتابة ، وطلق العنان لخيالك أن يجوب فكرة القصيدة ، فهو بذلك يبرز لك بعض الارتباطات بين الفكرة والخيال ، ويعبث بأبعاد النص اللغوي .
رابعا - أول بيت :
أ-لاتفكرفي الوزن بل تجاهله مؤقتا .. فكر فقط في المعنى الذي تريد أن تقوله .. أعد التفكير مرتين وثلاث في موضوع القصيدة .. تماما وكأنك تشرح لشخص يجلس أمامك .
ب- ابدأ بوضع لحن معيّن تعتقد بأن المعنى الذي أردت قوله توافق يتوافق معه .. أي بمعنى آخر القصيدة نفسها تحدّد بحرها بنفسها .. فلا تقل لنفسك أريد الكتابة على بحر الهلالي مثلاً .. خصوصاً في البداية بل تغن بالكلمات التي تحس أنها تبحث مافي نفسك على أي بحر كانت ثم أكمل بعد ذلك .
جـ - ابحث عن القافية التي تحس أنها تتناغم مع البحر الذي تريده أو الذي بدأته بالفعل .. مثلاً .. لنفرض أنك وضعت بيتاً على (المسحوب )وكانت قافيته الأولى بكلمة(منال)) وقلت فيما معناه .. بأن الوصول إليك صعب المنال .. وتريد أن تقول أيضاً أنك رغم ذلك حاولت فقلت في الشطر الأول من البيت الأول ( وصلك حبيبي صار صعب المنال ) .. تبحث عن كلمة القافية ولدينا منها الكثير مثل : محال .. وصال .. وقال .. الخ ؛ مثلا لنأخذ كلمة ( محال ) .. فأنت الآن يجب أن تربط هذه الكلمة بالكلام الذي تريد أن تقوله ، فتحاول ربطها بمعنى كأن تقول ( حاولت .. لكن كان هذا محال ) ..
أو كلمة مثل ( ليال ) .. فتقول ( حاولت أجي يمك بسود الليال )، وهكذا تمد الجسور بين القافية والمعنى ، حتى تختم القصيدة .
خامسا - الترتيب :
حاول أن تجعل المعاني متقاربة ولا تبتعد كثيراً فكل بيت يكمل البيت الذي قبله ، أو يبدأ معنى جديد له علاقة بمعنى البيت الذي قبلة ، المهم أن يخدم جو القصيدة .
سادساً - بعد الانتهاء :
حاول إقامتها مرة أخرى على الميزان ثم اللّحن حتى تتأكد من سلامتها .
تــــــذكـــر :-
** الحرف الذي لا ينطق لا يكتب ولا يوزن .
** حروف العلة ( الحروف الساكنة ).
إقامة القصيدة على لحن واحد تجيده تفيدك كثيراً في الحكم المبدأ على أي قصيدة
-----------------------------